فلسطين أون لاين

في ذكرى "العصف المأكول"

تقرير: إعلام المقاومة.. جنديٌ غيّر مسار المعركة

...
صورة أرشيفية

لم تكن عملية مسجد مصعب بن عمير التي نفّذها القائد الشهيد عماد عقل عام 1993 حدثًا اعتياديًّا، بل شكّلت نقلة نوعية في مسار العمل المقاوم، كأول عملية مصورة في تاريخ كتائب القسام، نجحت من خلالها المقاومة الفلسطينية في نقل صورة جديدة للعالم، قهرت الاحتلال وكشفت عورته.

أسّس القائد عماد عقل بهذا التوثيق لفلسفة الإعلام العسكري، فكانت الكاميرا رديفة للبندقية في مشوار كتائب القسام الجهادي، ومع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 وتصاعد وتيرة العمل العسكري، قرّرت قيادة الكتائب تأسيس المكتب الإعلامي للقسام، إذ انطلقت في العام 2001 النواة الأولى لعمل المكتب الإعلامي، بهدف إبراز الوجه الحقيقي للمقاومة الفلسطينية ودورها في حسم الصراع مع الاحتلال، وتصوير المهمات والعمليات الجهادية الخاصة بكتائب القسام.

وأولت المقاومة الفلسطينية الإعلام اهتمامًا كبيرًا، في الصراع والمواجهة المفتوحة مع الاحتلال الصهيوني، فكانت الكلمة والكاميرا رفيقة البندقية، وتجلّى ذلك في أبهى صوره في معركة العصف المأكول في السابع من يوليو 2014م، والتي يصادف اليوم ذكراها الثامنة.

نجحت المقاومة خلال المعركة في تقديم خطاب إعلامي متناغم سياسيًّا وعسكريًّا، وتفوقت في أدائها الإعلامي أمام الرواية والدعاية الصهيونية المضلّلة، وعملت وفق رؤية إعلامية واضحة كما بوصلتها التي ترنو نحو حرية القدس وفلسطين، كما كان خطابها الإعلامي بمثابة أداة تقاوم بها وجندي تضرب به أركان الاحتلال.

صوت المقاومة

على طول خط المواجهة الممتدة والمفتوحة مع الاحتلال، نجحت المقاومة في إدارة المعركة بكل حكمة واقتدار ومسؤولية عالية، و"باتت موازين المعركة مختلفة" وفق ما أكده قائد هيئة الأركان في كتائب القسام محمد الضيف في خطابه خلال المعركة.

وتمكنت المقاومة خلال المعركة من تقديم رواية وخطاب إعلامي اتسم بالمصداقية والاحترافية، ونجحت في إدارة المعركة بكل اقتدار، كان وجهها الإعلامي وعنوانها الأبرز أبو عبيدة الناطق العسكري باسم كتائب القسام.

وخلال معركة العصف المأكول ظل صوت المقاومة حاضرا بقوة عبر الإطلالات الإعلامية للناطق العسكري باسم كتائب القسام أبو عبيدة يعلن فيها عن نجاحات المقاومة ومفاجآتها، وعملياتها العسكرية المصورة كزيكيم وأبو مطيبق وناحل العوز وغيرها، ما كان لها الأثر الكبير في رفع الروح المعنوية لجماهير شعبنا وأمتنا والاحتشاد خلف المقاومة.

حاول الاحتلال مرارا خلال العصف المأكول تكذيب رواية القسام وتصدير رواية تُظهر سيطرته على سير المعركة، كما حدث في علمية الإنزال البحري في قاعدة زيكيم، عندما أعلنت كتائب القسام عن تمكن مجموعة من وحدة الكوماندوز البحري القسامية من تنفيذ عملية إنزال في قاعدة زيكيم العسكرية والاشتباك من نقطة صفر مع الجنود داخل القاعدة وقتل من فيها.

وبعد إعلان القسام مباشرة نفى الاحتلال رواية القسام، وأكد أنه قتل المنفذين فور وصولهم الشاطئ، لكنّ مقطع فيديو مسربا أظهر صدق رواية القسام، واستعرض محطات من سير العملية وبسالة المنفذين وشجاعتهم منقطعة النظير، كما أظهر الفيديو لحظات استشهاد المنفذين في قصف الزوارق على طريق عودتهم بعد أن أجهزوا على من داخل القاعدة من جنود.

لم تكن هذه العملية الوحيدة التي يحاول الاحتلال فيها التغطية على فشله وهزيمته برواياته الكاذبة، لكن كتائب القسام والمقاومة الفلسطينية كانت سرعان ما تبرهن صدق روايتها، وهو ما ظهرا مرارا في عمليات اغتنم فيها المجاهدون أسلحة الجنود الذين قتلوهم داخل المواقع العسكرية كما حدث في ناحل عوز حين اغتنم المجاهدون قطعة سلاح من نوع تافور، وفي أبو مطيبق عندما اغتنموا قطعتي سلاح من نوع M16 وفي كمين آخر شرق القرارة اغتم فيه المجاهدون سلاح رشاش بعد أن قتلوا 5 جنود.

دليل قاطع

ولعل إعلان أبو عبيدة عن تحديد ساعة لقصف "تل أبيب" خلال معركة العصف المأكول ودعوته لوسائل الإعلام العالمية لتغطية وصول صواريخ القسام لتل أبيب في تمام الساعة التاسعة مساءً يوم الثاني عشر من يوليو عام 2014م أعطى دليلاً قاطعاً على صدق رواية المقاومة.

كما شكل هذا الإعلان قفزة نوعية في رسائل المقاومة الإعلامية، وهو ما دب الرعب في صفوف المستوطنين الصهاينة وقادة الاحتلال من قبلهم.

أثبتت المقاومة مرارا وتكرارا صدق روايتها حتى بات المستوطنون ينتظرون خطابات أبو عبيدة، فعند انتهاء الحرب أمر رئيس أركان جيش العدو بيني غانتس سكان غلاف غزة بالعودة إلى منازلهم، ليردوا "نحن لا نصدق بيني غانتس، وننتظر ما سيقوله أبو عبيدة".

شكل أبو عبيدة صوت المقاومة وأيقونتها الإعلامية التي تهوي إليه جماهير شعبنا وأمتنا وأحرار العالم، في معركة مثلت نقلة نوعية في مسار تطور المقاومة الفلسطينية عسكريا وإعلاميا وعلى مختلف الأصعدة.

حرب نفسية وإعلامية

مثلت معركة العصف المأكول صفحة ناصعة من صفحات المجد والانتصار، وشكل إبداع المقاومة فيها إعلاميا وعسكريا صدمة كبيرة للعدو الصهيوني، أربكت حساباته، واستنزفت جيشه، وأظهرت هشاشة المجتمع الصهيوني.

ونجحت المقاومة خلال المعركة في فرض حرب نفسية وإعلامية كان لها أثر كبير في ضرب جبهة الداخلية للعدو، فوجهت ضربات معنوية عبر الصورة، وفضحته أمام جمهوره والعالم، عبر عملياتها العسكرية المصورة في زيكيم، وأبو مطيبق، وناحل العوز، وغيرها، وقهرت الجيش الذي طالما روّج لنفسه أنه لا يقهر وأذلته.

كما نجحت المقاومة في تنويع حربها الإعلامية الموجهة للعدو الصهيوني ما بين اختراق الهواتف ومواقع الإنترنت وبث القنوات التلفزيونية، إلى غيرها من العناوين التي تختصر حكاية المقاومة مع الإعلام في هذه الحرب بكلمة واحدة هي الاحترافية.

وستبقى المعركة مع الاحتلال الصهيوني مفتوحة وعلى الأصعدة كافة، وستظل كلمة المقاومة هي الأعلى، وبندقيتها هي الأصوب والأصدق تخط لنا الطريق إلى القدس وفلسطين.

 

المصدر / موقع حركة "حماس" الإلكتروني